شعر عن غدر الزّمان ولعلّ أفضل من قال الشّعر في هذا المجال هو الإمام الشّافعي، فقال
لا تأسفنّ على غدر الزّمان لطالما رقصت على جثث الأسود كلاب
لاتحسبنّ برقصها تعلو على أسيادها تبقى الأسود أسوداً والكلاب كلاب
تموت الأسود في الغابات جوعاً ولحم الضّأن تأكله الكلاب
وذو جهل قد ينام على حرير وذو علمٍ مفارشه التّراب
* الدّهر يومان ذا أمن وذا خطر والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف وتستقرّ بأقـصى قـاعه الدّرر
وفي السّماء نجوم لا عداد لها وليس يُكسف إلّا الشّمس والقمر
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزمانا عيب سوانا
ونهجو ذا الزّمان بغير ذنب ولو نطق الزّمان لنا هجانا
وليس الذّئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضاً عيانا
دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفساً إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة اللّيالي فما لحوادث الدّنيا بقاء
وكن رجلاًعلى الأهوال جَلدا وشيمتك السّماحة والوفاء
وإن كثُرت عيوبك في البرايا وسَرَّك أن يكون لها غطاء
تستّر بالسّخاء فكلّ عيب يغطّيه كما قيل السّخاء
ولا ترَ للأعادي قطُّ ذُلّاً فإنّ شماتة الأعدا بلاء
ولا ترج السّماحة من بخيل فما في النّار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التّأني وليس يزيد في الرّزق العناء
ولا حزنٌ يدوم ولا سرورٌ ولا بؤسٌ عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلبٍ قنوعٍ فأنت ومالك الدّنيا سواء
ومن نزَلَتْ بساحته المنايا فلا أرض تقيه ولا سماء
وأرض الله واسعة ولكن إذا نزل القضا ضاق الفضاء
ع الأيام تغدر كلّ حين فما يغني عن الموت الدّواء